السبت، ٢١ مايو ٢٠١٦

متلازمة نقص

متلازمة نقص ~


غيوم الصباح رغم ما تبديه لنا من هشاشتها وتدللها ، كفتاه تتغنج وترسم في مخيلة مستمعيها صورة انثى مثالية لا توجد على أرض الواقع ، إلا أنها كصخر مطل من عالٍ ، منطقة تضاريسية مختلطة بكل عناصرها ، جزر هوائية ، وشعاب مرجانية في ساعات الشروق الأولى ، هكذا رأتها في بحر السماء متدرجة الألوان كمعادنها وتركيبها الكيميائي ، إلا انها لا تتمدد بالحرارة بل تتلاشى كعواطفنا الكاذبة ، تختفي كلما ارتفعت درجة صدق الطرف الآخر ، لوحة أمواج أتقنها فنان وترك لنا نشوة الغموض والتأويل كموناليزال لا يعرف سر ابتسامتها إلا من اختَلَقها ، لون سح منه وأفلته متعمداً ، فيه سر لوحته واختلافها عن كل ما يشبهنا ، يابسة وماء ، ولا تشبة إلا السماء .
تمشي وكأنها المرة الأولى التي تمر بها من هذا الممر ، هكذا أرادت لصباحاتها أن تكون ، كل صباح وكأنه الصباح الأول من عمرها ، عهد أخذته على نفسها بعد أن أدركت دخولها لسنوات العنوسة حسب التقويم العربي ، العائلي ، المجتمعي،  أياً كان لا يهم إلا أنها أدخلت نفسها سنوات الدهشة في تقويمها الذاتي تقويمها الإنساني ، تفتعل الدهشة  في أدق تفاصيلها الحياتية ، كطفل كل ما حوله مدهش _ الأطفال أفضل ممثل للدهشة والتنفيذ العملي لكل ما هو مبهج _     كل ما يلتقي به جديد ، وكل ما يشاهده لم يره من قبل هو حقاً لم يرى كل هذه الأشياء ، أما هي فرأتها من قبل إلا أنها تراها اليوم بوجهها المختلف ، تراها اليوم بنفسية المنتصر، المنتصر على كل قوانين هذه الحياة ، نعم نفسية المنتصر عبارة سمعتها من إحدى محاضري التنمية البشرية التي عكفت عليها لتحرير نفسها من كل هذة البرمجيات والقوالب التي فرضها المجتمع وأهله  لها ولغيرها وكأننا في مصنع لصنع الإنسان المتفوق ، الإنسان الكامل ، الإنسان المجرد ، كدمى تدخل من إحدى أطراف خط إنتاج الحياة وتخرج من الطرف الأخر ، تدخل كتلة من الهباء ، كتلة من الغباء ، كتلة من اللاشئ ، فإما أن تخرج ، بغباء أكثر أو جمود أكبر وموت حياتي أكثر ، أن تعيش كما أرادت لك  آلة الحياة تلك ، ، وإما أن تعاندها وتختلق لنفسك تكوين  أخر وتصميم مختلف غير ما أرادت هذة الآلة وصانعوها ، وما بين الطرفين ، طرق ، و كسر وحرق  ، واعوجاج ، و اعوجاج .

تصفية حسابات

تصفية حسابات ~

التقت به صباحا ً، أدركت أنها خارج المنزل تواً ، تذكرته جيداً إلا انه عاجز كلياً أو جزئياً عن ذلك ، لكن عجزه يبعث على الإطمئنان نوعاً ما ، ففارق السن بينهما يمنعه من ذلك ، تكبره بسبع سنوات أو ربما أكثر ، صغر سنه وقتها حجب الصور والأشكال عنه ، لكن بالتأكيد لم يحجب  المشاعر أو حتى الأثر الخفي وراء الأحداث ، وكبر سنها وضعها امام مادة إجبارية لا يمكنها من التخرج دونها من جامعة الحياة ، لا ذاكرة لا حياة .
كانت سبب ضحكهم وإبراز أنيابهم ، الجميع يحب الضحك  والابتسامة إلا هي على عكس الجميع تكره من يصر على الضحك في جميع أوقاته ، ضحكهم كان سبب موت قلبها يوماً ، ويظنون أنهم يرفهون عن أنفسهم بختلاق سبب للضحك ، أنانيون هم بطبعهم يعيشون على مبدأ عيش اللحظة .. تهمهم لحظتهم فقط ، ولا يهم لحظات الأخرين ، كم أكرههم .
تذكره جيداً فهي لاتنسى ألماً سببته للاخرين ،  في ذاكرتها تكمن مصيبتها ، كانت متأكدة  انه سينسى شكلها وسيذكر أثراً وضعته في حياته عمداً ، او ربما هكذا كانت تظن ، فهي تصر أننا في هذه الحياة نسخ مكرر عن بعضنا البعض لا نختلف إلا برقم الإصدار للطبعة ،و تحاول الإفتراض دائماً بانها نسخة قديمة نادرة يُحذر إستعارتها .
عندما كانو يضحكون  كانت ترسم مستقبلاً وتبني تصوراً للحياة التي تنتظرها ، هكذا هم اليوم ، وفي المرحلة الزمنيه من عمرها تلك ، وهذه  العينة البشرية بالذات ، وهذا كان تصرفهم !! تصرفهم كان سبب في ضحك الجميع والسبب الحقيقي لكرهها لهم ، كيف استطاعوا ؟!! من منحهم الحق في تجريدها ، وفصل الكهرباء عن اعصابها عمداً وإحالتها لدمية أوربما أي شئ لا تدرك ماهيته ؟؟!