حنين مع سبق الإصرار ~

حنين مع سبق الإصرار ~

هو حنين مع سبق الاصرار والترصد جريمة اللاشيء بحقنا متهم دون محامي دفاع ولا شهود بلا قضاء ولا  محكمة دون محضر يفتح ولا  قضية .

الحنين  شهقة الحياة تزهر في أوصال الجنين ما  ان تفارق الأم وليدها ، وما يعتريها  منذ النظرة الأولى بعد أن  تلفظ طفلها خارج عالمها مستأثراً معه ببعض أحشائها وما تبقى من روحها ، الحنين هو خروج الروح من روحها  .

الحنين  شهقة الحب من القبلة الأولى  يزرعها عاشق مجنون على شفتي محبوبته ،

أن تشرأب اذنا رجل دون أنثى ، ويمتلئ رحم أنثى دون جنين ، حبلى بلا جنين ولا موعد ولادة ،

 حبلى بما لاتتشوق لرؤيتة وما تضيق ذرعاً به ، حبلى بلا أب ولا مراسم للزواج ،

حمل ينبض بداخلها ، ويضيّق دواخلها ، يرفسها ليلاً يؤرق منامها ، حمل  ثقيل بآلامه وأوجاعه ،

تتمخض دون ولادة ، وتلد بلا جنين  تتعرق تنزف تصرخ لتضع الحنين ،

الحنين ولادة في ساعة لا تنسى ولاحتى  تُذكر .

الحنين لذغة طفل لثدي أنثى أقسمت يوماً الا ترضعه ثأراً منه  ،

 فحيحه الليلي  يريد أن يتخذ منها أماً ليمتص روحها وبهاءها وما تبقى بها من عمر .

الحنين تلك النظرة البلهاء التي ترتدي وجوهنا ما أن يسألنا طبيب نقضىي نصف عمرنا بانتظار الدخول إليه  ،

 ما يؤلمك ؟؟ لتشكو ألم لا تعرف ما مصدره ولا اين يقيم ..

أعراض دون مرض ومرض دون ألم وألم دون سبب ، وسبب دون أحد وأحد  دون وجود ووجود دونك أنت .

هو تلك الوصفة المضادة التي دفعت أمي لجمع كل النصائح الطبية والاعلانات الورقية

والمواد الأعلانية والسياسات الدولية وكل الاثباتات والبراهين السماوية  تكورها والى سلة المهملات

فقط لانها تنصح بمباعدة  فترات الحمل ، ولتنجب أمي طفلاً .

هو مقياس الضغط والحقنه الشرجية وميزان الحرارة ووحدة دم من غير فصيلة دمك فقط لتبقى فقط لتعيش
جرعة الدواء للمريض الصحيح في الوقت الغلط .


هو الصدمة الكهربائية الأخيرة التي يسمح بها الاطباء فإما أن تنعش القلب ليعيش في عالم الموت وإما أن يموت في عالم الحياة .

الحنين تداخل الضلوع واضطرابها وتشاجرها  وتزاحمها وكأن المكان ضاق بها تواً ونسيت أو تناست بانها قابعه هناك منذ زمن .

الحنين هو ما نفقده عندما نريده ونجده عند التعفف عنه ، هو الضائع عند الحاجة  والحاضر عندما لايبقى هناك متسع  لأحد .
هو البذاءة في زمن الادب والادب في زمن البذاءة ، النظام  في مكان الفوضى والفوضى في مكان النظام

هو الضد من كل الكلمات والمرادف لكل ما ينخزنا .

أن ينور ملح الحياة فقط من أجل ما ينقصنا وما يحزنا في العمق ومالا نملك له ثمن .

هو الحبل الذي تتشبث به عجوز وكأن السبعين التي قضتها لم تلق بتقليع أسنانها ،

الحنين المسمار الذي يُطرق بملئ إرادتك في زاوية من زوايا العمر ،  لا تلم الحنين وقتها  ولُم طارقه .

عدوك الحنين  يدفعك سراً لدخول دائرتك القوقازية ما بين العقل والقلب  أن تحن الى ما  لا تريد ،  

دائرة قوقازية دون والدة ولا ولد دون مرضعة ولا رضيع دون شهود أو حتى قُضاه 

 هي دائرتك أنت  ولا يهم بعدها من يلوذ بك .

هي تحن في منأًى عنه وهو يحن لخيانه تعجبه  لم يُؤذن لهما أن يحنان  معاً في الوقت نفسه والاتجاه نفسه

خطوط الحنين لديهما متشابكة ودوائر الشوق بينهما مبعثرة  اختلطت خطوط الحنين ودوائر الشوق

فتعقدت  فلا تحلها خارطة ولا يجمعها مقياس ، الحنين هو الخارطة الوحيدة التي تصل بها الى حيث هي دون تشويه ،

وهو الكذب الوحيد الذي يكذب به دون كذب . على الأقل أمام نفسه .

الحنين المحرك الأفلاطوني لهذا الكون ما إن نفقده  حتى نفقد كوكبنا ، وطاحونة  دون كيشوت تدير حياة لا تهب عليها الريح الا بصمت ،

الحنين قرصة الانسانية الليلية التي وجدت لنفسها إلينا منفذ  واتخذت لنفسها عندنا ضيافة رغم كل الاجراءات والاحتياطات ،وأقراص النسيان المضادة وخيمة اللامبالاة التي نتوشحها .

القشة التي تزيد ظهري انحناء فتقوية لكنها لا تقصمه ، هو ما لا أملك ولا أستطيع دفعه وليس لي غنا عنه أقف قبالته كمن في وجه عاصفة من هباء ازورها وتدفعني انكزها وتزج بي جانبا ، إلا انني لا أقع .

هو التصريح الوحيد الذي يمنحني أن أسخر من ألمي وألم الأخرين وأرفع راية النصر أن الألم لم يعد هناك ولم يعد هناك ما يدعو للبكاء .

 ان أحن إلى ألم وإلى جرحي القديم هو أن  أحن إلى نقطة التحول وإلى الولادة القيصرية التي منحتني إياها الحياة .

أن أحن الى الألم هو أن أحن  الى البدايات المتأخرة أن أحن إلى ما أنا عليه  اليوم ، اليوم وليس ما قبله .

هو ادانتي واثبات تهمتي باني لم اعد البريئة بعد اليوم ، ادانتي أمام نفسي وفشلي في اختبار الكذب أمام الاخرين بأن الماضي لم يعد يعني لي الكثير .

الحنين فضيحتي الكبرى وعاري اللذيذ إذ ليس لأحد أن يكتشفه ويهددني بانتقام الزمان منه ليقول :
 دقه بدقه ولو زدت لزاد السقى  هو خطيئتي التي أمنّ بها على نفسي .
وذنبي الذي يحار به الملكين هذا يدينني وذاك يرأف بي ويسلماني إلى رحمته .
هو محاولاتهم البائسة لتحليل كل ما حرمته على نفسي وتحريمي لكل ما حلله لي الاخرون .
أشعر به يلتهمني مضغة مضعة ، بعد أن يتلذذ بشوائي على نار هادئة .

الحنين الحقيقة التي تكسر انفه  امام سد من الكرامة والكبرياء  ، والمفتاح الذي لم يعد له باب ولاقفل على مقاسه  ، يمنّي نفسه بحق العودة .
حمى المتنبي دون حياء ولا وجل . الزائر ثقيل الظل رفيع المستوى إذ لا يجوز لي أن أغرس دبوساً في مكنستي خلف الباب لدفعه للرحيل سريعاً وليغلق الباب خلفه .

هو فتيلي الذي  يشبّ بقطرة ماء ونسمة عابرة ، والوريث الشرعي لمعنى أنا ، والسبب الحقيقي لقولوني العصبي .

10/2013